فصل: بَابُ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَرَضِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً، ثُمَّ أَقَالَهُ السَّلَمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مَا حَابَاهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ أَعَادَ الْكُرَّ بِالْإِقَالَةِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي بِمُقَابِلَتِهِ وَهُمَا فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءٌ، وَالْإِقَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي لَا مُحَابَاةَ فِيهِ نَافِذٌ مِنْ الْمَرِيضِ فَكَذَلِكَ الْإِقَالَةُ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَكُونُ ثُلُثُهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ نِصْفَ الْكُرِّ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ أَخْرَجَ بِالْإِقَالَةِ مِنْ مِلْكِهِ جُزْءًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْمُحَابَاةِ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَدَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الشَّيْءُ مِنْ الْمَحَلِّ الْوَارِدِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالٌ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهَا نَفَذَتْ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مِقْدَارِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِقَالَةُ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَسْقُطُ طَعَامُ السَّلَمِ، وَالْمُسْقَطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا.
وَفَسْخُ الْإِقَالَةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي فَعَرَفْنَا أَنَّ الْإِقَالَةَ جَازَتْ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَاحْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ فَنَقُولُ: الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ ثُلُثُ مَالِهِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ قُلْنَا: تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيَسْلَمُ لِلْوَارِثِ نِصْفُ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَذَلِكَ عِشْرُونَ فَيُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ نِصْفَ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِخَمْسَةٍ فَتَسْلَمُ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِثُلُثِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مِنْ السَّلَمِ فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ كُرٌّ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئًا وَثُلُثًا؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ فِي ثُلُثَيْ شَيْءٍ فَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى ضِعْفِ ذَلِكَ فَأَجْبِرْ الْكُرَّ بِثُلُثِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، وَقَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ وَذَلِكَ نِصْفُ الْكُرِّ فِي الْمَعْنَى، وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي شَيْءٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْكُرِّ فِي الْمَعْنَى، وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ، وَهُوَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةً فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ، وَهُوَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةً فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ ثُلُثَ الْكُرِّ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ عِشْرُونَ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ قَدْرُ ثُلُثَيْ الْمُحَابَاةِ؛ فَلِذَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْمَالِ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ، وَثُلُثُ كُرٍّ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَيَسْلَمُ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَسَلِمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُلُثَا كُرٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ وَثَلَاثِينَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ سَلِمَ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ، وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِنِصْفِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِثْلُ نِصْفِهِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ كُرٌّ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَحَاجَتُهُمْ إلَى شَيْءٍ فَيَجْبُرُ الْكَرُّ بِنِصْفِ شَيْءٍ وَيَزِيدُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُهُ شَيْءٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ، وَأَنَّا حِينَ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى ثُلُثَيْ الْكُرِّ.
وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ فَاسْتَهْلَكَهَا، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَارْجِعْ عَلَيْهِمْ بِثُلُثَيْ الْعَشَرَةِ الَّتِي كُنْتَ أَعْطَيْتَهَا الْمَيِّتَ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ فِي الْإِقَالَةِ بِقَدْرِ عِشْرِينَ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِشْرُونَ، فَإِنَّ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ بَلْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُجِزْ الْإِقَالَةَ، فَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَالْمُحَابَاةُ إنَّمَا تَجُوزُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَابَاهُ فَبِاعْتِبَارِهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْكُرِّ وَيُؤَدِّي الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ كُرٍّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِثُلُثَيْ الْعَشَرَةِ حِصَّةَ مَا بَطَلَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ فَيُعْطُونَهُ ذَلِكَ مِمَّا أَخَذُوا مِنْ الطَّعَامِ يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثُ، قَدْ سَلِمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُلُثُ كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ سَلِمَ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ فِيهِ نَقُولُ: الْإِقَالَةُ تَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ، ثُمَّ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِثُلُثِ ذَلِكَ، وَهُوَ حِصَّتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ كُرٍّ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ يَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ ثُلُثَا شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا، فَاجْبُرْ ثُلُثَيْ كُرٍّ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ ثُلُثَيْ الْكُرِّ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَالْكُرُّ الْكَامِلُ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ بِمَعْنَى ثُلُثَيْ الْكُرِّ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَقَالَهُ الْمُسْلِمُ، وَهُوَ مَرِيضٌ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَخَمْسَةَ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ خَمْسُونَ فَنَنْظُرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ كَمْ هُوَ مِنْ مِقْدَارِ الْمُحَابَاةِ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ سَهْمًا، وَجُمْلَةُ الْمُحَابَاةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ تَكُونُ خَمْسَةً فَعَرَفْنَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ خَمْسُ أَتْسَاعِ، وَصِحَّةُ الْإِقَالَةِ بِاعْتِبَارِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتُسْعَانِ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ، مِقْدَارُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ مِقْدَارِ ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْكُرِّ قِيمَتُهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسَبْعَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ بِأَخْذِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَتُسْعٍ الَّذِي أَعْطَى الْوَرَثَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ مُحَابَاةً لَهُ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِخُمْسَيْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْكُرِّ كَذَلِكَ فَيَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ كُرٌّ إلَّا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَ شَيْءٍ فَأَجْبِرْ الْكَرَّ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُ شَيْئًا وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ وَشَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ يَكُونُ خَمْسَةَ أَتْسَاعٍ، فَظَهَرَ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْكُرِّ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْكُرِّ فَالْعَمَلُ فِيهِ كَمَا وَصْفنَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخٌ كَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثُونَ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ أَقَالَهُ إيَّاهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْكُرَّ قِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْتَ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ شِئْت أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُخْرَى، وَإِنْ شِئْت فَرُدَّ الْكُرَّ وَخُذْ دَرَاهِمَك؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُ لَمَّا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ كُرًّا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ سِوَاهُ، فَهُنَاكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَشَرَةً أُخْرَى حَتَّى تَسْلَمَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ فَهُنَا أَيْضًا يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْكُرَّ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَإِنَّمَا نَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ السَّلَمِ إذَا كَانَتْ فِيهِ مُحَابَاةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُفَسَّرًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكُتُبِ سِوَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَ خَمْسِينَ، ثُمَّ مَرِضَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ الْبَائِعُ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ خَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَأَخَذَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حَابَاهُ بِقَدْرِ نِصْفِ مَالِهِ فَلَا يُسْلِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ إلَّا مِقْدَارَ الثُّلُثِ غَيْرَ أَنَّ إقَالَةَ الْبَيْعِ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ بِخِلَافِ إقَالَةِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَائِمٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ تَحَالَفَا فِي الْبَيْعِ وَتَرَادَّا الْإِقَالَةَ وَفِي السَّلَمِ لَا يَتَحَالَفَانِ فَلِكَوْنِ الْإِقَالَةِ بِغَرَضِ الْفَسْخِ هُنَا أَثْبَتنَا الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْطُ الْإِقَالَةِ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْخَمْسِينَ بِطَرِيقِ فَسْخِ الْإِقَالَةِ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ، وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثُلُثَ الثَّمَنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّمَنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، قَدْ سَلَّمَ لِلْبَائِعِ ثُلُثَ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَيَكُونُ السَّالِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ مِثْلَ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ وَلَا مَالَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ غَيْرُهَا وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ مَاتَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الثَّلَاثِينَ دِرْهَمًا وَنَقَضَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ هُنَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِتَعَيُّنِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ السَّلَمَ وَرَدَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الْعَقْدَ وَأَدَّى الْكُرَّ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالثُّلُثِ بِالْمَالِ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجَلِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي الْكُرَّ كُلَّهُ وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ حَظِّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَقْدُ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ بَعْدَ مَا اخْتَصَمُوا وَقَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِهَذَا وَفُسِخَ السَّلَمُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ، فَإِنْ بَدَا الْوَارِثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ يُفْسَخُ السَّلَمُ إنْ اخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ، وَفَسْخُ السَّلَمِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ؛ فَلِهَذَا لَا يُعَادُ بِخُرُوجِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ رَدَّ عَشَرَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ وَيُنْتَقَضُ الْقَبْضُ فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا أَسْلَمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ وَجَازَتْ لَهُ الْمُحَابَاةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْمَالِ، وَالْأَجَلِ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حِينَ وَصَلَ إلَى يَدِ الْوَارِثِ ضِعْفُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي مَرَضِهِ فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ فَاقْتَضَى الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا فَالسَّلَمُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ الْكُرَّ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ عِشْرُونَ، وَهِيَ ثُلُثَا مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا: عَشَرَةٌ قِيمَةُ الْكُرِّ الَّذِي أَدَّى وَعَشَرَةٌ مُحَابَاةٌ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَالْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ وَرَدَّ الدَّرَاهِمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ حَالًّا وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَرَدَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، وَإِذَا اخْتَارَ النَّقْضَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمُحَابَاةِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالثَّوَابِ.

.بَابُ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ كُرَّ تَمْرٍ فَأَدَّى قِيمَتَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِكُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ كُرَّهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ تَخْرُجْ الْمُحَابَاةُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْكُرِّ الْفَارِسِيِّ بِنِصْفِ الدَّقَلِ وَرَدَّ نِصْفَ الْكُرِّ الْفَارِسِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ حَصَلَتْ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ مَالِهِ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ الْمُحَابَاةِ بِزِيَادَةِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ فِي بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْفَضْلُ رِبًا فَيُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ كَمْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ فَيَجُوزُ فِي الْبَيْعِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَهُنَا الثُّلُثُ مِثْلُ نِصْفِ الْمُحَابَاةِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ فَيَرُدُّ عَلَى الْوَارِثِ نِصْفَ كُرِّ قِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفَ كُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَيَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي نِصْفُ كُرٍّ فَارِسِيٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ كُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ.
وَإِنْ بَاعَهُ كُرًّا قِيمَتُهُ سِتُّونَ بِكُرِّ حَشَفٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَجُوزُ فِي خُمْسِ الْكُرِّ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ عِشْرُونَ فَكَانَ الثُّلُثُ بِقَدْرِ خُمْسَيْ الْمُحَابَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْفَارِسِيِّ، وَقِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَخُمْسَا الْحَشَفِ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ ثُلُثَا تَرِكَةِ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ بَاعَهُ كُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ بِكُرٍّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ جَازَ الْبَيْعُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْكُرِّ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثِ سَهْمًا فَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ الْجَيِّدِ وَخَمْسَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ الرَّدِيءِ، فَإِنْ اعْتَبَرْت قِيمَتَهُمَا فَهِيَ ثُلُثَا تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ وَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ إقَالَةِ السَّلَمِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ فِي الْمَرَضِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا حُرًّا خَطَأً فَمَاتَ الْحُرُّ مِنْهَا، قَدْ عَفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ فِي مَرَضِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قِيلَ لِمَوْلَاهُ: أَتَدْفَعُ أَوْ تَفْدِي.
فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مُسْتَحَقًّا بِجِنَايَتِهِ وَلَا مَالَ لِلْعَافِي غَيْرُهُ، وَالْعَفْوُ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَالٌ عَلَى الْمَوْلَى فَيَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَ الْعَفْوُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَيَفْدِي سُدُسَهُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْعَفْوِ فِي جَمِيعِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ إذَا صَحَّحْنَا الْعَفْوَ فِي جَمِيعِهِ وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ حِينَئِذٍ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ خَارِجًا مِنْ ثُلُثِهِ وَزِيَادَةً.
فَعَرَفْنَا أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ هُنَا فِي الْبَعْضِ.
وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ضِعْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَكَانَ الْعَفْوُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِهِ فَالسَّبِيلُ أَنْ نَضُمَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ نُبْطِلُ مِنْ الْعَفْوِ حِصَّةَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَفْوِ بِاعْتِبَارِ أَنَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَضِعْفُ الْقِيمَةِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَإِذَا ضَمَمْتَهُ إلَى الدِّيَةِ كَانَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ضِعْفَ الْقِيمَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ هُوَ السُّدُسُ؛ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَبَطَلَتْ فِي السُّدُسِ فَيَفْدِيهِ بِسُدُسِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثُلُثَا أَلْفٍ فَيَسْلَمُ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ، قَدْ نَفَّذْنَا الْعَفْوَ فِي نِصْفِ ذَلِكَ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يَجُوزُ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَفْدِي مَا بَقِيَ مِنْهُ وَهُوَ عَبْدٌ إلَّا شَيْئًا بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا، فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَارِثِ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ؛ لِأَنَّا جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ الْأَمْوَالُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ وَيَزِيدُ عَلَى مَا نَفَذَ مِثْلَهَا فَكَانَتْ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ اثْنَا عَشَرَ شَيْئًا، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسًا فَانْكَسَرَ بِالْأَخْمَاسِ فَاضْرِبْ شَيْئًا وَخُمْسًا فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ سِتَّةٌ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ فَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي خَمْسَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا جَازَ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى سَبْعَةً بِسُبْعَيْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّا نَأْخُذُ ضِعْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَنَضُمُّهُ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ نَنْظُرُ إلَى ضِعْفِ الْقِيمَةِ كَمْ هُوَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَنُبْطِلُ الْهِبَةَ بِقَدْرِهِ، وَذَلِكَ سُبْعَاهُ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ وَتَبْطُلُ فِي السُّبْعَيْنِ فَنَفْدِيهِ بِسُبْعَيْ الدِّيَةِ، مِقْدَارُهُ أَلْفَانِ وَثَمَانُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ وَسُبْعٌ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ مِثْلُ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَأْخُذُ مَالًا مَجْهُولًا فَيَجُوزُ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَيَبْطُلُ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا، ثُمَّ تَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ إلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ فَأَجْبِرْهُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ، وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَصَارَ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ، وَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَيْ شَيْءٍ.
فَاضْرِبْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ يَعْدِلُ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي خَمْسَةٍ فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ.
فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَعَلَى الْمَقْتُولِ دَيْنُ أَلْفٍ، فَالسَّبِيلُ فِيهِ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاء أَنْ يَضُمَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ يُبْطِلُ الْعَفْوَ بِحِصَّةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَحِصَّةِ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ اثْنَا عَشَرَ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا بَطَلَ فِي الرُّبْعِ فَنَفْدِيهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ فَنَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، قَدْ أَجَزْنَا الْعَفْوَ فِي ثَلَاثَةٍ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، قِيمَتُهُ: سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ: نُجَوِّزُ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَنُبْطِلُهُ فِي عَبْدٍ إلَّا شَيْئًا، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ يُقْضَى الدَّيْنُ بِمَالٍ كَامِلٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، قَدْ جَعَلْنَا الْعَبْدَ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ مَالًا كَامِلًا فَيَبْقَى فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ، وَبَعْدَ الْجَبْرِ، وَالْمُقَابَلَةِ تَكُونُ تِسْعَةَ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ شَيْئًا، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا، فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ شَيْئًا وَثُلُثًا فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَلَاثَةٍ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَصَحَّ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا صَحَّ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَكَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَوْضُوعَةً، فَدَى نِصْفَ سُدُسِ الْعَبْدِ بِنِصْفِ سُدُسِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَتَضُمَّهُ إلَى الدِّيَةِ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ بِحِصَّةِ الدِّيَةِ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسٍ، وَبِحِصَّةِ الْأَلْفِ الْمَوْضُوعِ، وَذَلِكَ نِصْفُ سُدُسٍ، فَإِنَّمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ سُدُسِ الْعَبْدِ فَيَفْدِيهِ بِنِصْفِ سُدُسِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ ثَمَانُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ هَذَا مَعَ الْأَلْفِ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ سُدُسِهِ، قِيمَةُ ذَلِكَ: تِسْعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ: نُجَوِّزُ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَنُبْطِلُهُ فِي عَبْدٍ إلَّا شَيْئًا فَنَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، وَبَعْدَ الْجَبْرِ، وَالْمُقَابَلَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَالًا يَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ شَيْئًا، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَجُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ شَيْءٍ، فَاضْرِبْهُ فِي أَحَدَ عَشَرَ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ يَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا جَازَ فِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَنِصْفُ سُدُسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.